التقييس والاستدامة: إطار تكاملي متناغم داعم لجهود "عام الاستدامة" و "COP28"
عندما أعلنت دولة الإمارات العام 2023 عاماً للاستدامة
تحت شعار "اليوم للغد"، بهدف إبراز الجهود التي تقوم بها الدولة في
تعزيز العمل الجماعي الدولي لمعالجة تحديات الاستدامة، بما يتماشى مع أهداف
التنمية المستدامة، وحينها بادرت كل فرق العمل الوطنية لمواءمة مبادراتها
ومشاريعها خلال العام 2023 مع هذا التوجه.
وعلى مستوى وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، فقد تم
تبني العديد من المبادرات الرائدة في مجال الاستدامة، خصوصا على مستوى البنية
التحتية للجودة، على مستوى المواصفات القياسية والتي تشكل جزءا أساسيا من دعم جهود
الاستدامة والإنتاج النظيف.
وتعد المواصفات القياسية أداة رئيسية لدعم السياسة
الوطنية للاستدامة وحماية البيئة وتعزيز كفاءة الإنتاج الوطني للمساهمة في تحقيق
أهداف التنمية المستدامة من خلال موائمة المواصفات القياسية وإجراءات تقييم
المطابقة ونظم وأدلة عمل فنية واسترشادية تساعد كلاً من المصنعين والمنتجين
والمستهلكين على تحقيق وتنفيذ أهداف تلك السياسات.
وقد طبقنا في الوزارة أعلى معايير تطوير وتبني المواصفات
القياسية عالمياً وفي مختلف المجالات، بما في ذلك قطاع الصناعة والتكنولوجيا
المتقدمة، والبناء، والخدمات، وغيرها من المواصفات المرتبطة بالاستدامة، مثل
المواصفات البيئية ومواصفات كفاءة الطاقة، حتى الانتقال إلى الطاقة المتجددة
والنظيفة.
وإيماناً منّا بأهمية نشر وتعزيز ممارسات الاستدامة (التنمية
المستدامة) في جميع الملفات التي تغطيها المواصفات القياسية وأنشطة التقييس الأخرى
والتي تتضمن إجراءات تقييم المطابقة وأنظمة الاعتماد والمقاييس لتعزيز الأنشطة
الاقتصادية والبيئية والمجتمعية وجودة الحياة، والتزاماً بالسعي لتكريس مبدأ التنمية
المستدامة في كافة المجالات.
إن فريق المواصفات والتشريعات والمطابقة والاعتماد
الوطني في وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة وبالشراكة مع أصحاب المصلحة
والمعنيين يعملون تحت مظلة وطنية من أجل بناء
مستقبل مزدهر للجميع، على مستوى المجتمع والاقتصاد الوطني.
إننا في قطاع المواصفات والتشريعات وشؤون المطابقة وإدارة
الاعتماد في وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، ملتزمون بترسيخ الوعي بمفهوم
الاستدامة في مؤسساتنا وباقي الشركاء من الجهات المطبقة للمواصفات القياسية
المعتمدة، واستناداً إلى مبادئ الاستدامة الصادرة عن الأمم المتحدة من خلال تضمين
ومراعاة الاستدامة في المواصفات القياسية الإماراتية التي يتم تطويرها وإصدارها.
وسيكون ذلك من خلال اعتبار المواصفات القياسية إحدى
الأدوات والمنهجيات الفاعلة المستخدمة في صياغة متطلبات محددة للاستدامة يمكن
تضمينها في المواصفات القياسية ذات الصلة وتلبي سياسات واستراتيجيات التنمية
الاقتصادية والبيئية والمجتمعية التي تعمل الدولة على تحقيقها.
وإضافة إلى ذلك، يمثل تطبيق المبادئ والمتطلبات التي
يتضمنها الدليل الارشادي لإدراج الاستدامة في المواصفات القياسية والصادر عن منظمة
الايزو (ISO) والذي تم تبنيه وطنيا " UAE.S ISO Guide 82: 2020 " مرجعا اساسيا عند تطوير المواصفات القياسية الإماراتية أو
أي مواصفات تساهم الدولة في تطويرها على المستوى الخليجي والإقليمي أو الدولي، حيث
توفر هذه الوثيقة إرشادات حول كيفية مراعاة الاستدامة عند صياغة ومراجعة وتحديث
المواصفات القياسية واللوائح الفنية والوثائق المماثلة.
كما تحدد الوثيقة المنهجية التي يمكن للعاملين في مجال
تطوير وصياغة المواصفات القياسية استخدامها في إدراج ومعالجة الاستدامة وفقاً
للموضوع المحدد للمواصفة القياسية.
كذلك نسعى
إلى تطبيق مفهوم الاستدامة من خلال تشجيع المؤسسات وقياداتها التي تطبق المواصفات القياسية على وضع سياسات
وبرامج تدعم مفهوم الاستدامة في استراتيجياتها وبرامج عملها أو مشاريعها، وترسيخ
مفهوم المسؤولية المجتمعية في المؤسسات من خلال تشجيعها على تطبيق المواصفة
القياسية الدولية رقم ISO 26000: 2010 "الدليل الارشادي للمسؤولية
المجتمعية" والمتبناة إماراتياً باعتبارها إحدى الأدوات التي تساهم في تحقيق
أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
و وفقاً لاستراتيجية الوزارة في تعزيز مشاركة أصحاب
المصلحة والمعنيين، نعمل مع شركائنا على تطوير وتطبيق منظومة المواصفات القياسية،
وكذلك التطوير المستمر للبنية التحتية للجودة بما يتواءم مع أحدث المواصفات
القياسية الدولية والممارسات العالمية لضمان نمو وتفوق الصناعة الوطنية وباقي
القطاعات الاقتصادية والمجتمعية المرتبطة وتحقيق الريادة والاستدامة وتعزيز
تنافسيتها.
وختاماً، فإن تبني أفضل الممارسات ونظم الإدارة لتنفيذ استراتيجيات الدولة المتعلقة بالإنتاج النظيف والحد من النفايات والتلوث من خلال تطبيق سياسة الاستدامة البيئية ومفهوم الاقتصاد الدائري والإدارة المسؤولة للموارد والطاقة، يجري تطبيقه في دولة الإمارات وفق أفضل الممارسات الدولية، ونعمل معاً على دعم التنمية المستدامة في جميع القطاعات، من خلال تبني واعتماد سياسات ومشاريع وطنية تساهم في تحقيق الاستدامة باعتبارها هدف وطني للمحافظة على الموارد وجودة الحياة، وتطويرها لخدمة الجيل الحالي والأجيال القادمة، وأن تتم تأدية هذه الأمانة في كافة المجالات وجميع الظروف ودون تقصير، في إطار تكاملي متناغم على المستوى الوطني.
د. فرح علي الزرعوني
وكيل الوزارة المساعد لقطاع المواصفات والتشريعات
هل وجدت هذا المحتوى مفيدًا؟
يمكنك مساعدتنا على التحسن من خلال تقديم تعليقاتك حول تجربتك.